ملحمة الفينيق قراءة في مسيرة القائد العملاق الشهيد ياسر عرفات

ملحمة الفينيق

قراءة في مسيرة القائد العملاق الشهيد ياسر عرفات
بقلم
السيّد باسل عرفات القدوة الحسينيّ

التوطئة

خرج من البيت الحسينيّ شبل فلسطينيّ تحول الى أسطورة الشرف و التحرر في هذا الزمان ، إنّه السيّد محمد ياسر بن عبد الرؤوف عرفات القدوة النبهانيّ الرضويّ الحسينيّ الحسنيّ الهاشميّ . معذرة للقراء فما قدمت لكي افخر او اتباهى بل تسجيلا للتاريخ و صرخة في وجه الأعداء .

ولد ياسر عرفات رحمه الله في القدس في بيت الزعامة و العلم و الجاه . فأبوه سليل أسرة القدوة الحسينيّ أقدم أسرة حملت لقب نقابة الأشراف عبر التاريخ فجدهم هو السيّد أبو الحسن عليّ بن جعفر المصدق أول نقيب للأشراف من البيت العلويّ الهاشميّ في ظل الدولة العباسية عام 342 هجرية . و هاجر أسلافه رحمهم الله الى حلب حيث أشتهروا بالعلم و الزهد فلقبوا بالقدوة عام 580 هجرية . و إنتهى بأسلافه المطاف في بيت المقدس و غزة هاشم حيث تولى أسلافه نقابة الأشراف و القضاء و برزوا في سعة التجارة و كثرة الأوقاف الخيريّة . أمّا بيت أخواله فهم آل أبو السعود الأدارسة الحسنيين نقباء الأشراف في القدس و الإفتاء على مرّ العصور . خرج هذا الأسد من عرين الشرف و الوطنية فحمل همّ تراب و شعب فلسطين في قلبه و دمه .

بذور الحركة الثوريّة

مع صعود الناصريّّة كان ياسر عرفات رحمه الله قد قطع مراحلا في إعداد نفسه ، فقد أعد نفسه بشكل مبكر بالقراءة بنهم ، و أجرى إتصالات عدة مع العديد من القيادات التاريخيّة للنضال الفلسطينيّ عبر علاقاته الأسريّة مع هذه القيادات مثل الشيخ حسن أبو السعود ، مفجر ثورة البراق ، وأحد المقربين إلى المفتي الحاج أمين الحسينيّ ، و الدكتور حسام أبو السعود أحد أقطاب المعارضة التي تزعمها راغب النشاشيبيّ ، بل أنّ من الطريف أن ثورة 1936 و أحاديث حسينيّ أم نشاشيبيّ الطربوش أم الحطّة و العقال كانتا قد شكلتا فضولا فكريا عنده أدى به لأن يحسم أمره و على أثره تبنى الرئيس رحمه الله الكوفية و العقال العربيّ زيّا رسميّا له ،و الذي بالطبع أصبح رمزا للنضال حول العالم .

لقد أدرك ياسر عرفات رحمه الله بعد أن خدم في جيش الشهيد عبد القادر الحسينيّ رحمه الله في أوائل مراحل مراهقته ، كضابط إستخبارٍ ، أنّ مسألة الإعداد تتعدى الحماسة و العاطفة الدينيّة و الوطنيّة ، فالإعداد الصحيح يتطلب تربيّة و تنظيم أجيالا متعاقبة لإكمال حرب التحرير و تحويلها من معركة أو معارك الى برنامج متكامل . في تلك المرحلة يكاد المحلل لنفسيّة السيّد ياسر عرفات رحمه الله أن يلمس حس التمرد و الثورة على الواقع ، ففي رسالة له لخاله الذي رباه السيّد سليم أبو السعود رحمه الله مؤرخة في 2/2/ 1947، كتب فيها :

" ولكني يا خالي بعد أن طالت المدة وازدادت نيران الشوق ، لم استطع صبرا ولم أر بدا من أن أتغلب على تلك النفس المتمردة الثائرة حتى أستطيع أن أسطر إليك تلك الكلمات القليلة التي أعتقد أنها خير من كلمات مطولة وتحرير كبير ، فإن كثرة الكلام وطول الخطاب ليذكرني بتلك الأيام السعيدة التي قضيتها في كنفك ترعاني وتحدب عليّ ، وإن هذا لما يزيد في عذاب نفسي وشقاء روحي عندما أعلم أنني عنك بعيد".

و يجد المحلل شاهد هذا الأمر لاحقا في مواقفه السياسيّة بوضوح في دوره المعارض بحماسة لخطاب الرئيس التونسيّ بو رقيبه رحمه الله عندما دعى لعربَ أثناء زيارته لأريحا إلى قَبول قرار الامم المتحدة الداعي الى تقسيم فلسطين .
كان همّ ياسر عرفات رحمه الله في مرحلة ما بعد النكبة هو إيجاد كوادر قيادية تستطيع تحمّل ِِعظم المشروع الذي في مخيّلته . فقام ببناء العلاقات السياسيّة مع كل أطياف الفكر و التنظيمات في محيطه الطلابيّ ، و كانت عملية بناء الجسور هذه أول مؤشر على تطور فكره و سعة إدراكه ، و حنكة ملكته القيادية ، و التي لازمته الى يوم وفاته ، لإعتماد العمليّة أو البرغماتيّة السياسيّة لتحقيق الأهداف الثوريّة ، بدون أي تفريط بالثوابت الوطنيّة . فقابل الشيوعيّّ و البعثيّّّ و التحريريّّ و الإخوانيّ و القوميّ و غيرهم كثير ، إلاّ أنّه لم ينتظم بأيّ منهم جميعا بل أرادها وطنيّة مستقلة القرار ، تكافح من أجل مشروع فلسطينيّ عربيّ بعمقه الدوليّ ، متأثرا بعدها بأهم شخصيّة إستكملت بناءه الفكريّ ،الرئيس جمال عبد الناصر رحمه الله ، بل أنّه في أوج حصار بيّروت 82 صرّح السيّد ياسر عرفات رحمه الله " نريدها دولة واحدة من المغرب الى عدن" بتأثر واضح بالحقبة الناصريّة كدليل على ما ذهبنا إليّه. بالطبع يستنكف جيلنا اليوم عن ذكر هذا المشروع العربيّ المتقدم لإنعدامه للأسف ، و نستكفي بذكره على حياء و مضض مستبدلين هذا الحلم لجيل المؤسسين بمشروع مرحليّ أجبرتنا عليه كما أجبرت من قبلنا الظروف الموضوعيّة المحيطة بقضيّتنا ، و نرمز لهذا المشروع بالقول أنّ مشروعنا الوطنيّ هو مشروع الحدّ الأدنى لما حمل ياسر عرفات رحمه الله بين جنباته لو تحقق له ما أراد .

في ظلّ الأحداث التي واكبت أوائل الخمسينيات الى أوائل الستينيات تمكن ياسر عرفات رحمه الله من أن ينسج مجموعة من العلاقات أهمها على الإطلاق كانت مع رفقاء الدرب صلاح خلف و خليل الوزير رحمهما الله ، هذه العلاقات شكلت نواة الإنطلاقة الأولى . و لقد تميّزت هذه المرحلة بالتأكيد على أهمية الكفاح المسلح أداة نضاليّة كأساس للتحرير ، و عدم الإعتماد على المحيط الرسميّ العربيّ لأن يغزل النسيج العسكريّ و السياسيّ لقضيّة فلسطين ، فلقد أثبتت لهم التجارب من الشهيد عز الدين القسّام رحمه الله ، و النكبة ، و الشهيد عبد القادر الحسينيّ رحمه الله أنّه ما حكّ جلدك مثل ظُفرك ، و هذا بالطبع مع المحافظة على بناء الدعم القوميّ بما يخدم قضيّة التحرير المرحليّ.

أبرز ما شكّل ملامح مرحلة التأسيس و الإنطلاقة هو التأكيد الدائم على أنّ حركة فتح تتمسك بكونها حركة تحرر وطنيّ تهدف إلى إزالة ودحر الاحتلال وتحقيق الاستقلال للشعب الفلسطينيّ، وهي جزء من حركة التحرر العربيّة ومن جبهة القوى العالميّة الساعية إلى حرية واستقلال الشعوب ، و أنّ تناقضها الأساسي هو مع الاحتلال الإسرائيليّ، وأن أي تناقضات أخرى هي تناقضات ثانويّة تُحل بالتواصل والحوار مع الاحتفاظ بالحق في استخدام كل الوسائل المتاحة للدفاع عن الوحدة الوطنيّة والشرعيّة الفلسطينيّة وصيانة القرار الوطنيّ الفلسطينيّ المستقل ....

الإنطلاقة الأولى

في الخمسينيات شاهدت لحظة الخيار العسكريّ تحرك (خليل الوزير أبو جهاد) مع نفر من أصدقائه في اول عملية عسكرية تستهدف العدوّ الصهيوني .. وتم نسف خزان " زوهر للمياه " في 25/2/1955 . في غضون تلك المرحلة سافر ياسر عرفات رحمه الله إلى الكويت عام 1958 للعمل مهندساً، وهناك إلتقى أبا جهاد وشكّلا سويا خلية ثورية أطلق عليها اسم "فتح" وهي اختصار لحركة تحرير فلسطين، وأصدرا مجلة تعبّر عن هموم القضية الفلسطينية أطلقا عليها اسم "فلسطيننا"، وحاولا منذ ذلك الوقت إكتساب صفة شرعية لحركة فتح فاتصلا بالقيادات العربية للاعتراف بها ودعمها. في تلك المرحلة بعد انتصار الثورة الجزائرية في 1962 وبعد تشكيل رئيس الجمهورية المنتخب أحمد بن بيلا أول حكومة للجزائر الحرة ، دعت القيادة الجزائرية جمال عرفات رحمه الله "الشقيق الأكبر لياسر عرفات " إلى زيارة الجزائر عرفانا له بما كان قدمه لاشخاصهم ولعائلاتهم وللثورة الجزائرية في أيام نضالهم وتواجدهم في مصر أو في السجون.وعرضوا عليه وظيفة مستشارا لشؤون القضية الفلسطينية في الحكومة الجزائرية .وفي العام التالي 1963 أصطحب ياسر عرفات خليل الوزير في زيارة إلى الجزائر وقدمهما جمال عرفات إلى أحمد بن بيلا ومحمد خيض،و كانت مكاتبهما في نفس المبنى الحكومي الذي فيه مكتب جمال عرفات .

وحظي الوفد الفلسطيني بدعم كبير في عدة مجالات من القيادة الجزائريّة ، ونجحا ياسر عرفات وخليل الوزير بالفعل في ذلك فأسسا أول مكتب للحركة في الجزائر عام 1965 مارسا عبره نشاطا دبلوماسيا وإستلمه الأخ الأكبر لياسر عرفات جمال عرفات رحمهما الله لعدة أشهر ، ثم إستلمه أبو جهاد رحمه الله من بعده ليحقق نجاحات رائعة كان أبرزها فتح معسكرات التدريب العسكريّ للثورة الجزائرية أبوابها أمام مقاتلي فتح و إستلام السلاح من الصين و الجزائر ، و كانتا أول من سلّح المقاتل الفلسطينيّ .

وفي آذار /مارس من العام 1964 وبدعم من الجزائرسافر ياسر عرفات وخليل الوزير رحمهما الله إلى بكين بدعوة من القيادة الصينية .وكانت المقابلة بمثابة انتصار مهم لـ "فتح"،ومع أن الصينيين نصحوا عرفات بالتريث قبل الدخول في الكفاح المسلح إلا أنه تلقى وعدا منهم بالحصول على المساعدة بمجرد اندلاع المعارك الأولى .
و من الجدير بالذكر اليوم أن من بين الجسور التي سعى الرئيس رحمه الله على بنائها كان مع عالم بارز في النجف الأشرف يخبره بنيّة إنطلاق الثورة فجاء الردّ من الإمام الخُمينيّ مؤسس الثورة الإسلاميّة الإيرانية رحمه الله عام1964 في النجف الأشرف :

(الى سيد الاشراف وقائد المجاهدين في فتح السيد محمد القدوة الحسيني"ابوعمار" دام ظله) يؤيده على الإنطلاقة المباركة ..

في أوساط الآباء المؤسسين للحركة أُعتبر أبو جهاد رحمه الله هو أول من أسس العمل النضاليّ المسلح للحركة في داخل فلسطين بعملية خزان زوهر ، و هذا لا ينتقص بأي حال من الأحوال من أبو الثورة أبو عمّار بل لولا أنّ الله جمعهما في الكويت في عام 1963 لما أنطلقت هذه الحركة المباركة التي أسست لمبدئين يعتبرا أقدس ما جاءت به الثورة الفلسطينية ، ألا و هما إنطلاقة الكفاح المسلح و مبدأ القرار الفلسطينيّ المستقل لإجهاض المخطط الدوليّ لطمس شعب فلسطين . أمّا صلاح خلف أبو إياد رحمه الله فكان ثالث الأثافي و لا شكّ .

عام 1952 توجه صلاح خلف إلى القاهرة لدراسة اللغة العربية في جامعة الأزهر، وهناك بدأ نشاطه النضالي المنظم، وتعرف على 'الطالب ياسر عرفات، وتعاونا الاثنان في النضال من خلال رابطة الطلاب الفلسطينيين (1952/ 1956) . كان أبو إيّاد يعتبر من بين الأخوة المؤسسين الرجل الأكثر ثقافة و إطلاعا و كان دائما يقدم للأخوة المؤسسين مع السيّد ياسر عرفات رحمه الله دراسة التجارب الثورية الماضيّة للإستفادة من تجربتها و تفادي أخطاءها ، و كلما أمعن الأخوة المؤسسين في التجارب السابقة برز لهم عامل مشترك واحد لإستراتيجيّة المحتلّ ، ألا و هو طمس الهويّة السياسيّة الوطنيّة لشعب فلسطين . و أصبح واضحا لياسر عرفات رحمه الله و إخوانه أنّ شعب فلسطين و منذ إنسحاب الإنتداب البريطانيّ المشؤوم لم يُنعت بأنّه شعب فلسطين ، بل في خطاب إنهاء الإنتداب في أواسط الأربعينيات أعلنت بريطانيا عدم قدرتها على حل النزاع القائم و أنهم و بعد 25 عاما من الإنتداب لم يفوا بوعدهم كاملا بتوسيع دولة يهودية و المحافظة على مصلحة سكان الأرض العرب !!! أي أنّهم ثبتوا هويّة يهوديّة سياسيّة مزيّفة ، و تجاهلوا هويّة وطنيّة سياسيّة فلسطينيّة ثابتة ، بل و جرى إقتسام الكيان الفلسطينيّ بهويته الوطنيّة السياسيّة بين الدولة الإسرائيليّة الحديثة و الأقطار العربيّة المجاورة .

و لهذا كانت مراحل التأسيس تهدف الى ربط شعب فلسطين في الداخل أولا بفكرة الثورة ، و توّجت هذه الجهود المضنيّة و المحاولات الكثيرة التي مُلئت بالمخاطر بأن أول قاعدة لفتح داخل فلسطين كانت في جبال قباطيا في منطقة خلة العرب و التي بعدها أمر بنقلها ياسر عرفات رحمه الله عند مجيئه الى رأس الخلايل 1967 ، بل أنّ قباطيا كانت أول بلدة تُبايع أبا عمّار رحمه الله جماعة في يوليو 1967 حيث أقسم الجميع يمين الولاء له على القرآن و السيّف .

يسلمواااا ومواضيعك رااااااااااااائعه جدا

اسعدني مرورك يا ورد
نورتي موضوعي
تحياتي لك
أمير بكلمتي

بارك الله فيك اخي الكريم
الموضوع اكثير رائع
تحياتي لكم

يسلمو علي المرور العطر

تسلم ايدك على المقالة ....
ورحمه الله علي زعيمنا وزعيم العرب وقائدنا وحبيبنا
رجل الاسطوري ياسر عرفات لن ننساك يا ابا عمار
يا صاحب القرار الصعب والرقم الصعب

اجلالا واكبارا وتقديرا واحتراما ننحنى لك ونقول على العهد باقون وللقسم حافظون ابا عمار انت فى قلوبنا للابد..ماحيينا
من ينساك ياسيدى أبا عمار .. فانت رجل صنع التاريخ
تحياتى لك وتقديرى
اختكم الدلوعــة لــيـــنا

يسلمو دلوعة علي المرور الطيب

ياجبل ما يهزك ريح

شكراعلى الكلام الطيب يا طيب

الله يرحمك يا ابو عمار

عاش بطل ومات شهيد

تسلم ارجو ان تتقبلى مروري

تحيات ابو فراس